أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في تصريحاته خلال قمة مجموعة العشرين، أن أمن الطاقة أصبح أحد التحديات العالمية الكبرى التي تعترض مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال إن التحولات في قطاع الطاقة تشكل عائقًا أمام تحقيق أهداف القضاء على الفقر والتنمية المستدامة، مشددًا على ضرورة مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة واحتياجاتها الفريدة عند صياغة استراتيجيات التحول في هذا القطاع الحيوي.
التوازن بين الأهداف البيئية والاقتصادية
دعا الأمير فيصل إلى اعتماد نهج متوازن يركز على ثلاثة أعمدة رئيسية في سياسة الطاقة: أولًا، ضمان أمن الطاقة، ثانيًا، الوصول إلى طاقة ميسورة التكلفة، وأخيرًا، الاستدامة البيئية. ورأى أن هذه الأهداف يجب أن تُعتمد بشكل شامل وعادل لتحقيق تحول مستدام يضمن استقرار الأسواق ويعزز النمو الاقتصادي في وقت واحد.
كما أشار وزير الخارجية السعودي إلى أن التحولات الكبيرة في قطاع الطاقة تحتاج إلى وقت طويل واستثمارات ضخمة لضمان تنفيذها بشكل عادل وفعّال، مع الحفاظ على استقرار الأسواق العالمية. وتُعتبر هذه التحديات العالمية أكثر تعقيدًا عندما يتم التعامل معها دون النظر إلى الفوارق التنموية بين الدول.
دور السعودية في تحوّل الطاقة المستدام
استعرض الأمير فيصل بن فرحان جهود السعودية في تحقيق تحول طاقي يتماشى مع مبادئ الاستدامة البيئية. وأوضح أن المملكة قد حققت أحد أدنى معدلات كثافة الانبعاثات الناتجة عن عمليات النفط والغاز في العالم، وذلك بفضل استثماراتها في التقنيات المتطورة والمبتكرة. كما استعرض استثماراتها في تعزيز الطاقة المتجددة، والتي تهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 50% بحلول عام 2030.
وأكد وزير الخارجية السعودي أن المملكة تستثمر أيضًا في تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف، بالإضافة إلى تطبيقها إطار الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يساهم في تحويل الانبعاثات إلى منتجات صناعية ذات قيمة عالية.
مبادرات السعودية في التحول الطاقي
من أبرز المبادرات التي أطلقتها السعودية في هذا المجال “مبادرة السعودية الخضراء” و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، التي تهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية على مستوى المنطقة. وأكد الأمير فيصل أن نموذج السعودية للتحول في الطاقة يعكس خططها التنموية الوطنية، التي تعتمد على استغلال مصادر الطاقة المختلفة بشكل متكامل، بما في ذلك الهيدروكربونات، لتوفير احتياجات الطاقة بشكل مستدام.
التعاون الدولي مفتاح النجاح
أشار الوزير السعودي إلى أهمية التعاون الدولي لضمان تنفيذ مسارات التحول في الطاقة بشكل عادل وشامل، مع ضمان دعم جهود التنمية في مختلف أنحاء العالم. وشدد على أن نجاح هذه المسارات يعتمد على توفير بيئة عالمية تشجع على التعاون بين الدول لتحقيق تنمية متوازنة تضمن مستقبلًا مستدامًا للأجيال القادمة.
في ختام كلمته، قدّر الأمير فيصل بن فرحان جهود البرازيل خلال رئاستها لمجموعة العشرين، متمنيًا التوفيق لجمهورية جنوب إفريقيا في تولي رئاسة المجموعة في العام المقبل.
خاتمة
تعتبر قضايا أمن الطاقة والتحول الطاقي من أكثر المواضيع الحيوية في الساحة الدولية اليوم، حيث تواجه الدول تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات الطاقة وضمان الاستدامة البيئية. المملكة العربية السعودية، من خلال استثماراتها المبتكرة ومبادراتها الطموحة، تلعب دورًا رياديًا في هذا المجال، مما يعزز من مكانتها كداعم رئيسي للتحول الطاقي المستدام على مستوى العالم.