في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الفنية والجمهور، أعلن مهرجان موازين الثقافي عن إقامة حفل موسيقي يستخدم تقنية الهولوجرام لإعادة تقديم الفنان الأسطورة عبد الحليم حافظ، وذلك للمرة الثانية على التوالي. هذه التقنية الحديثة التي تعتمد على عرض صورة ثلاثية الأبعاد متحركة للفنان الراحل على المسرح، تهدف إلى إحياء ذكراه وإتاحة الفرصة لجمهوره للاستمتاع بأدائه وكأنه على قيد الحياة. إلا أن هذه الفكرة لم تمر دون إثارة ردود فعل متباينة، حيث أبدت أسرة عبد الحليم حافظ غضبها واستيائها من استخدام صورة الفنان بهذه الطريقة، معتبرة أن ذلك يمثل تعدياً على إرثه الفني وخصوصيته.
تعود جذور الخلاف إلى أن أسرة عبد الحليم حافظ لم تمنح موافقتها الرسمية على استخدام تقنية الهولوجرام لإعادة تقديمه في الحفلات، معتبرة أن هذه الخطوة لا تحترم ذكراه ولا تليق بمكانته الفنية العظيمة التي يحتلها في قلوب محبيه. وأوضحت الأسرة أن الفنان الراحل كان يحرص دائماً على تقديم فنه بطريقة حقيقية وواقعية، وأن استخدام تقنيات مثل الهولوجرام قد يقلل من قيمة الفن الحقيقي ويحول تجربة الاستماع إلى مجرد عرض تقني بحت. كما عبرت الأسرة عن قلقها من أن هذه المبادرات قد تفتح الباب أمام استغلال صورة الفنانين الراحلين بطرق غير مناسبة أو تجارية بحتة.
من جانب آخر، يرى منظمو مهرجان موازين أن استخدام تقنية الهولوجرام يمثل تطوراً فنياً يواكب العصر، ويساعد في تقديم تجربة فريدة للجمهور، خاصة الأجيال الجديدة التي لم تتسن لها فرصة مشاهدة عبد الحليم حافظ على المسرح. ويؤكدون أن الهدف هو تكريم الفنان وإبراز إرثه الفني بطريقة مبتكرة تواكب التطورات التكنولوجية، مع الحرص على تقديم عرض يحترم تاريخ الفنان وأعماله. ويضيفون أن هذه التقنية تسمح بإعادة إحياء الأغاني الكلاسيكية التي لا تزال تحتفظ بشعبية كبيرة، مما يعزز من التواصل بين الماضي والحاضر.
ومع ذلك، يطرح هذا الجدل تساؤلات مهمة حول مدى احترام حقوق الفنانين الراحلين وخصوصيتهم، وكيفية التعامل مع إرثهم الفني في عصر التكنولوجيا الحديثة. كما يفتح النقاش باباً واسعاً حول الحدود الأخلاقية والقانونية لاستخدام الصور الرقمية والهولوجرام في مجال الفن والترفيه، ومدى تأثير ذلك على القيم الفنية والثقافية. ويبدو أن هذه القضية ستظل محل نقاش بين مختلف الأطراف، بين من يرى في التقنية فرصة لتجديد الفن وإحيائه، ومن يعتبرها تجاوزاً يهدد أصالة الفن وكرامة الفنانين.
في النهاية، يبقى مهرجان موازين من أبرز الفعاليات الثقافية والفنية في المنطقة، ويستمر في تقديم عروض مبتكرة تجذب جمهوراً واسعاً، لكن هذه الخطوة الأخيرة أثارت جدلاً كبيراً حول كيفية المزج بين التكنولوجيا والتراث الفني، ومدى احترام إرث الفنانين الذين شكلوا تاريخ الموسيقى العربية. ويبقى السؤال مفتوحاً حول مستقبل استخدام تقنيات مثل الهولوجرام في الفن، وكيف يمكن تحقيق توازن بين الابتكار والحفاظ على القيم الفنية الأصيلة.