من العوامل الوراثية إلى اضطرابات الهرمونات: أسباب خفية تعيق حرق الدهون رغم المجهود والنصائح الفعّالة للتغلب عليها

قد تجدين نفسك تبذلين جهداً كبيراً في ممارسة الرياضة واتباع الحميات الغذائية، ومع ذلك تبقى الدهون العنيدة دون تغيير ملحوظ، ما يثير التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء بطء حرق الدهون أو توقف فقدان الوزن. في الواقع، هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على قدرة الجسم على التخلص من الدهون، بعضها مرتبط بالوراثة والبعض الآخر يتعلق باضطرابات في توازن الهرمونات، بالإضافة إلى تأثير نمط الحياة اليومي والعادات الغذائية.

تلعب العوامل الوراثية دوراً أساسياً في تحديد معدل الأيض وشكل توزيع الدهون في الجسم، فبعض الأشخاص يرثون جينات تجعل عملية حرق الدهون لديهم أبطأ من غيرهم، ما يجعلهم أكثر عرضة لتراكم الدهون وصعوبة فقدان الوزن حتى مع الالتزام بنظام غذائي صارم وممارسة الرياضة بانتظام. لكن العامل الوراثي ليس وحده المسؤول، إذ إن اضطرابات الهرمونات تمثل أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لتعطيل عملية حرق الدهون. فعلى سبيل المثال، يؤدي قصور الغدة الدرقية إلى بطء في عمليات الأيض وتراكم الدهون، بينما يتسبب ارتفاع هرمون الكورتيزول الناتج عن التوتر المزمن أو قلة النوم في زيادة الرغبة بتناول الطعام وتخزين الدهون، خاصة في منطقة البطن.

كما أن مقاومة الأنسولين الناتجة عن الإفراط في تناول السكريات أو اضطرابات هرمون الإستروجين لدى النساء أو انخفاض هرمون التستوستيرون لدى الرجال، كلها عوامل هرمونية تساهم في صعوبة فقدان الوزن وتخزين الدهون بشكل أكبر. قد تظهر علامات هذه الاضطرابات في صورة زيادة الوزن غير المبررة، أو ثبات الوزن رغم الجهد، أو تراكم الدهون في مناطق معينة من الجسم مثل البطن أو الفخذين، إضافة إلى أعراض أخرى مثل التعب المزمن أو اضطرابات النوم أو تغيرات المزاج..

للتغلب على هذه العقبات، ينصح الخبراء أولاً بالتحقق من صحة الغدد الصماء عبر الفحوصات الطبية، خاصة إذا لاحظتِ ثبات الوزن لفترة طويلة أو ظهور أعراض غير معتادة. من المهم أيضاً تبني نمط حياة صحي يشمل النوم الكافي، إذ أن قلة النوم تزيد من إفراز هرمون الجوع (الغريلين) وتقلل من هرمون الشبع (اللبتين)، ما يؤدي إلى تناول كميات أكبر من الطعام دون شعور بالشبع. كما يُنصح بتقليل التوتر اليومي عبر تمارين الاسترخاء أو التأمل، لأن ارتفاع الكورتيزول يعزز تخزين الدهون ويبطئ عملية الحرق.

من جهة أخرى، يجب التركيز على تناول وجبات متوازنة غنية بالبروتين والألياف، فهي تساعد على الشعور بالشبع وتحفز عملية التمثيل الغذائي، مع تجنب السكريات البسيطة والدهون المشبعة التي تعيق حرق الدهون. ممارسة الرياضة بانتظام، خاصة تمارين القوة والمشي اليومي، تساهم في تنشيط الدورة الدموية وبناء العضلات، ما يزيد من معدل حرق الدهون حتى في أوقات الراحة. ولا تنسي أهمية شرب كميات كافية من الماء لدعم عمليات الجسم الحيوية وتحسين كفاءة الأيض.

إذا استمرت المشكلة رغم الالتزام بهذه النصائح، قد يكون من المفيد استشارة أخصائي تغذية أو طبيب مختص في الغدد الصماء لتقييم الحالة بشكل دقيق ووضع خطة علاجية متكاملة تعيد التوازن الهرموني وتساعدك على تحقيق أهدافك الصحية والجمالية. التحدي في فقدان الوزن لا يكمن فقط في تقليل السعرات أو زيادة النشاط البدني، بل في فهم العوامل الخفية التي قد تعيق تقدمك، والعمل على معالجتها بذكاء ووعي لتحقيق نتائج مستدامة وصحية.