تحتفل المملكة العربية السعودية بتوليها رئاسة مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16)، في حدث يُعدّ نقطة تحول في المساعي العالمية لحماية البيئة. جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية التي عُقدت في الرياض، حيث تبدأ المملكة فترة رئاستها التي تمتد لعامين، بهدف دفع عجلة العمل الدولي نحو إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة ومكافحة التصحر والجفاف.
تحديات بيئية عالمية وإقليمية
خلال كلمته في حفل الافتتاح، أشار وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، المهندس عبدالرحمن الفضلي، إلى أن استضافة المملكة لهذه الدورة تأتي استكمالًا لجهودها المستمرة في مجال حماية البيئة على المستويين الوطني والدولي. وأضاف الفضلي أن تدهور الأراضي الزراعية والغابات والمراعي في العالم أصبح يشكل تهديدًا كبيرًا، حيث تقدر الخسائر الناجمة عن ذلك بنحو 6 تريليونات دولار سنويًا، ويؤثر على حياة أكثر من 3 مليارات إنسان حول العالم.
وأشار الوزير إلى أن منطقة الشرق الأوسط تُعدّ من أكثر المناطق تأثرًا بتحديات التصحر والجفاف، مما يجعل من المملكة رائدة في مكافحة هذه الظواهر بالتعاون مع المجتمع الدولي. كما أكد أن المملكة تواصل العمل ضمن رؤية 2030 لتحقيق التنمية المستدامة والحد من تدهور الأراضي، وذلك من خلال إطلاق عدد من المبادرات البيئية الاستراتيجية.
المبادرات السعودية لتعزيز البيئة
من أبرز المبادرات التي أطلقتها المملكة في هذا السياق “مبادرة السعودية الخضراء”، التي تهدف إلى إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030. كما تسعى المملكة إلى زيادة نسبة المناطق المحمية لتصل إلى 30% من مساحتها الإجمالية. إلى جانب ذلك، تهدف المبادرة إلى زيادة استخدام الطاقة المتجددة لتشكل 50% من مزيج الطاقة الوطني بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات الكربون.
وفي إطار مواجهة التحديات المائية، أطلقت السعودية أيضًا “إستراتيجية وطنية للمياه” تهدف إلى تعزيز استدامة المصادر المائية، إضافة إلى مشاريع متعددة لإعادة تدوير المياه، لضمان استدامتها في ظل التغيرات المناخية.
التعاون الدولي في مواجهة التصحر
أكد الفضلي أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تمثل إطارًا حيويًا للتعاون الدولي، حيث تتيح الفرصة لدول العالم للعمل الجماعي لمكافحة التصحر، من خلال تبادل الخبرات والتقنيات الحديثة. وأضاف أن المملكة تسعى إلى تعزيز الشراكات بين الحكومات، القطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، من أجل تنفيذ الحلول المستدامة التي تساهم في مواجهة هذه الأزمة البيئية الكبرى.
كما أشار إلى أن التعاون في مجال التنوع البيولوجي ومكافحة التغير المناخي يمثل أولوية كبيرة للمملكة، حيث يعكف المؤتمر على إيجاد حلول فعّالة لإعادة تأهيل الأراضي، والحد من آثار الجفاف، مما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي والمائي وتحقيق رفاهية البشر في جميع أنحاء العالم.
مرحلة جديدة للقيادة البيئية السعودية
من خلال رئاستها للمؤتمر، تؤكد السعودية التزامها بتعزيز العمل البيئي الدولي ومواجهة التحديات المناخية والبيئية. هذه الخطوة تعكس رؤية المملكة الطموحة نحو تحسين بيئتها الداخلية والتفاعل بشكل إيجابي مع المجتمع الدولي من أجل بناء عالم أكثر استدامة.