تأثير مشاهدة الفيديوهات القصيرة على الصحة النفسية: هل تتحوّل إلى إدمان؟

في العصر الرقمي الحالي، أصبحت الفيديوهات القصيرة من أكثر الوسائط الإعلامية انتشاراً، مع تزايد استخدام منصات مثل تيك توك، إنستغرام ريلز، ويوتيوب شورتس. تقدم هذه الفيديوهات محتوى سريعاً وجذاباً، ما يجعلها مغرية للكثير من المستخدمين، خصوصاً الأطفال والمراهقين. ولكن، رغم كونها وسيلة مسلية وممتعة، فإن هناك مخاوف متزايدة حول تأثيراتها على الصحة النفسية، خاصة إذا أصبحت هذه العادة جزءاً من حياة المستخدمين بشكل مفرط.

جاذبية الفيديوهات القصيرة وتأثيراتها على الدماغ

تتميز الفيديوهات القصيرة بمدة زمنية قصيرة تتراوح بين 15 و60 ثانية، ما يجعلها سهلة الوصول وممتعة للمشاهدين. يميز هذه الفيديوهات تنوع محتواها من كوميديا، تحديات، رقص، وصفات، وغيرها من العناصر التي تحفز نظام المكافأة في الدماغ، ما يؤدي إلى إفراز مادة الدوبامين المرتبطة بالشعور بالسعادة. هذا التأثير المتكرر قد يولد لدى المستخدم رغبة في العودة لمشاهدة المزيد، مما يساهم في إدمان هذه الأنماط من المحتوى.

التأثيرات النفسية على الصحة

رغم جاذبيتها، فإن المشاهدة المفرطة لهذه الفيديوهات قد تؤثر سلباً على الصحة النفسية للمستخدمين، خاصة عند الأطفال والمراهقين. تتجلى هذه التأثيرات في عدة جوانب:

  1. تقليل التركيز: الاستهلاك المستمر للمحتوى السريع قد يؤدي إلى تدهور القدرة على التركيز لفترات طويلة، ما ينعكس سلباً على المهام اليومية مثل الدراسة أو القراءة.
  2. زيادة القلق والتوتر: يمكن أن يؤدي التمرير المستمر بين الفيديوهات إلى حالة من الإرهاق الرقمي، حيث يشعر الطفل أو المراهق بالضغط لمواكبة كل جديد، مما يعزز مشاعر القلق.
  3. المقارنة الاجتماعية: تقدم الفيديوهات القصيرة أحياناً نماذج مثالية للحياة أو الإنجازات، مما يعزز فكرة المقارنة الاجتماعية، خاصة بين المراهقين، ويزيد من مشاعر النقص أو عدم الكفاءة.
  4. اضطرابات النوم: الاستمرار في مشاهدة الفيديوهات قبل النوم قد يؤدي إلى اضطرابات النوم بسبب التعرض للضوء الأزرق الذي يؤثر على مستويات الميلاتونين، بالإضافة إلى إبقاء الدماغ في حالة نشاط.

علامات الإدمان على الفيديوهات القصيرة

يمكن أن تشير بعض العلامات إلى تحول مشاهدة الفيديوهات القصيرة إلى إدمان، مثل:

الرغبة المستمرة في مشاهدة الفيديوهات دون القدرة على التوقف.

فقدان السيطرة على الوقت الذي يُقضى في المشاهدة.

تأثير سلبي على الأنشطة اليومية كالدراسة أو التفاعل الاجتماعي.

الأعراض الانسحابية مثل التوتر أو العصبية عند عدم القدرة على استخدام التطبيقات.

لماذا الأطفال أكثر عرضة للإدمان؟

أدمغة الأطفال لا تزال في مرحلة النمو، مما يجعلهم أكثر استجابة للدوبامين الناتج عن مشاهدة الفيديوهات، بالإضافة إلى ضعف مهارات التنظيم الذاتي التي تمنعهم من وضع حدود لوقت المشاهدة. كما أن الضغوط الاجتماعية مثل الرغبة في مواكبة الأصدقاء والمشاركة في المحتوى الشائع تزيد من تعرّضهم للإدمان.

كيفية الحد من التأثير السلبي

لحماية الأطفال من التأثيرات السلبية للإدمان على الفيديوهات القصيرة، يُنصح باتباع الإجراءات التالية:

تحديد مدة زمنية معينة لمشاهدتها عبر خاصية التحكم الأبوي.

تشجيع الأطفال على ممارسة أنشطة بديلة مثل الرياضة، الفنون، أو القراءة.

توعية الأطفال بمخاطر الإدمان على الشاشات.

تقديم نموذج إيجابي من خلال تقليل الآباء لاستخدام هذه التطبيقات.

مراقبة المحتوى الذي يشاهدونه باستخدام تطبيقات مخصصة.

خلاصة

الفيديوهات القصيرة ليست ضارة في حد ذاتها، ولكن استهلاكها بشكل مفرط قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية، خاصة لدى الأطفال والمراهقين. من خلال التوجيه السليم، يمكن الحد من هذه التأثيرات وتحقيق توازن صحي بين استخدام التكنولوجيا والأنشطة الأخرى.

ملاحظة: من المهم استشارة مختص إذا لاحظت أي علامات تدل على تأثير سلبي طويل الأمد على الصحة النفسية نتيجة للمحتوى الرقمي.