تمر ذكرى وفاة النجمة المصرية العالمية داليدا، التي ولدت في حي شبرا بالقاهرة لأبوين إيطاليين، وهي فرصة لاسترجاع قصة حياة مليئة بالتألق الفني والصراعات العاطفية التي أثرت بشكل كبير على مسيرتها وحياتها الشخصية. داليدا، التي كانت واحدة من أشهر المغنيات والممثلات في العالم العربي والعالمي، حققت نجاحاً لا يُضاهى بأغانيها المتنوعة التي غنتها بعدة لغات ولهجات، لكنها في المقابل عاشت حياة عاطفية مضطربة مليئة بالخسائر والألم.
تزوجت داليدا مرة واحدة فقط من لوسيان موريس، أحد أشهر مقدمي البرامج الإذاعية في فرنسا، والذي كان له دور كبير في دعم مسيرتها الفنية، وكان زواجهما حديث المجتمع في ذلك الوقت، حيث وصف كل منهما الآخر بأنه حب حياته. لكن الزواج لم يدم طويلاً، إذ انفصلا بعد عدة أشهر بسبب وقوع داليدا في حب آخر، وهو الرسام جان سوبيسكي، الذي كان بمثابة الحب الحقيقي بالنسبة لها. إلا أن هذه العلاقة انتهت أيضاً بشكل مأساوي، حيث انتحر سوبيسكي بإطلاق النار على نفسه بعد فترة من الانفصال، مما ترك أثراً عميقاً في نفس داليدا.
لم تنتهِ مأساة الحب عند هذا الحد، ففي عام 1967 دخل قلب داليدا شاب إيطالي يُدعى لويجي تينكو، كان مغنياً ناشئاً دعمت مسيرته الفنية بكل حماس. لكن بعد فشل أغنيته في مهرجان سان ريمو، انتحر لويجي في غرفة الفندق التي شاركته فيها، وكانت داليدا أول من اكتشف جثته، ما تسبب لها في صدمة نفسية كبيرة دفعتها لمحاولة الانتحار بعد شهر واحد فقط من الحادثة، لكنها نُقلت إلى المستشفى وأنقذها الأطباء بعد أن ظلت في غيبوبة لعدة أيام.
لم تستطع داليدا أن تجد الاستقرار العاطفي الذي حلمت به، فبعد سنوات من هذه المآسي، دخلت في علاقة حب مع شاب أصغر منها يدعى لوسيو، الذي لقي أيضاً حتفه منتحراً، كما تعرضت خلال هذه الفترة لحمل انتهى بالإجهاض، مما تسبب لها بعقم وزاد من معاناتها النفسية. وفي السبعينيات، عاشت قصة حب أخرى مع المغني مايك برانت الذي انتحر عام 1975، لتتوالى الخيبات العاطفية التي أثقلت كاهلها.
كل هذه التجارب المؤلمة أدت إلى دخول داليدا في دوامة من الاكتئاب العميق، حيث شعرت بأن الحياة لم تعد تحتمل، خاصة مع تزايد شعورها بالوحدة والخوف من الشيخوخة. وفي 3 مايو 1987، قررت داليدا إنهاء معاناتها بالانتحار، تاركة رسالة مؤثرة قالت فيها “سامحوني.. الحياة لم تعد محتملة”. رحيلها كان نهاية مأساوية لحياة فنية حافلة بالنجاحات، لكنها لم تستطع أن تجد السعادة في الحب، مما جعل قصتها واحدة من أكثر القصص الإنسانية حزناً وتأثيراً في عالم الفن.