فقدت الساحة الفنية العربية واحدة من أبرز الأصوات التي شكلت جزءاً لا يتجزأ من طفولة أجيال كثيرة، بعد رحيل الفنانة السورية القديرة فاطمة سعد عن عمر يناهز 59 عاماً، تاركة خلفها إرثاً فنياً كبيراً امتد لأكثر من ثلاثة عقود. بدأت فاطمة مسيرتها الفنية في عام 1988، حيث دخلت عالم الدبلجة من بوابة المسلسلات الأوروبية، ثم توسعت لتشمل دبلجة الأفلام السورية، قبل أن تحقق شهرة واسعة بصوتها المميز في دبلجة الرسوم المتحركة التي أحبها الأطفال في العالم العربي.
تميزت فاطمة سعد بقدرتها الفريدة على تجسيد شخصيات كرتونية متعددة بصوتها، مما جعلها واحدة من أهم مؤديات الأصوات في الوطن العربي، حيث أدت أصوات شخصيات محبوبة مثل “مازن” في الكابتن ماجد، و”هاكو” في ناروتو، و”ميشو” في ماوكلي، إلى جانب العديد من الشخصيات الأخرى التي رافقت الأطفال في رحلاتهم عبر شاشات التلفاز. لم تقتصر موهبتها على الدبلجة فقط، بل شاركت أيضاً في أعمال تمثيلية درامية وإذاعية، مما أضاف إلى رصيدها الفني تنوعاً وثراءً.
على مدار مسيرتها، حصلت فاطمة على دورات تدريبية في الإخراج الإذاعي، مما يدل على حرصها الدائم على تطوير مهاراتها الفنية، كما كانت صوتها حاضراً في برامج إذاعية شهيرة مثل “حكم العدالة” و”ظواهر مدهشة”، حيث استطاعت أن تترك بصمة لا تُنسى في كل مجال عملت فيه. كان صوتها بمثابة جسر بين الطفولة والذكريات، حيث رافق أجيالاً من الأطفال وشكل لهم عالماً من الخيال والمرح.
رحيل فاطمة سعد شكل خسارة كبيرة لعالم الدبلجة والتمثيل، إذ فقد الفن العربي صوتاً أيقونياً كان بمثابة لحن الحياة للعديد من الأطفال الذين تربوا على شخصياتها وأصواتها. نعت نقابة الفنانين في سوريا فرع دمشق الفنانة القديرة، مؤكدة أن رحيلها جاء بعد مسيرة فنية امتدت لما يقارب 38 عاماً، قضتها في خدمة الفن وإسعاد الجمهور بصوتها الدافئ والمميز.
تُدفن فاطمة في مسقط رأسها، وسط مشاعر الحزن والأسى التي عمّت الوسط الفني والجمهور على حد سواء، الذين عبروا عن امتنانهم لما قدمته من أعمال خالدة ستظل حاضرة في ذاكرة كل من أحب الفن والرسوم المتحركة. تركت فاطمة سعد إرثاً فنياً لا يُنسى، حيث كانت صوتاً للبراءة والخيال، وحافظت على مكانتها كواحدة من أبرز الفنانين الذين أثروا عالم الدبلجة في العالم العربي، لتبقى ذكراها حية في قلوب محبيها ومحبي الفن.