الدورة الجديدة من مهرجان كان السينمائي 2025 تشهد حضورًا نسائيًا استثنائيًا وظواهر فنية لافتة ترسم ملامح موسم سينمائي متجدد

جاءت الدورة الجديدة من مهرجان كان السينمائي لعام 2025 لتؤكد مرة أخرى أن هذا الحدث العالمي ليس مجرد مناسبة للاحتفاء بالأفلام، بل هو أيضًا مساحة حقيقية للتعبير عن التغيرات الاجتماعية والفنية التي يشهدها العالم، وقد كانت السمة الأبرز لهذا العام هي الحضور النسائي القوي والمتميز الذي طغى على مختلف فعاليات المهرجان. فقد استطاعت النساء هذا العام أن يرسمن ملامح بارزة على السجادة الحمراء، وفي الكواليس، وعلى منصات التتويج، مقدمات صورة مبهرة عن الدور المتصاعد للمرأة في عالم السينما العالمي.

من اللحظات الأولى لانطلاق فعاليات المهرجان، بدا واضحًا أن العنصر النسائي لم يعد مجرد جزء من الحدث، بل أصبح في قلبه، يوجه مساره ويصنع تأثيره. سواء من خلال المخرجات اللواتي شاركن بأفلام قوية تحمل رؤى إنسانية واجتماعية عميقة، أو من خلال الممثلات اللواتي قدمن أدوارًا استثنائية، فإن الحضور النسائي جاء هذا العام ليسجل حضورًا نوعيًا لا كمّيًا فقط. كما أن بعض الأفلام التي شاركت في المنافسة الرسمية حملت توقيع نساء مبدعات نجحن في نقل قصصهن إلى الشاشة الكبيرة بلغة فنية رفيعة وذات حساسية خاصة.

ولم يكن الحضور النسائي محصورًا في الأعمال الفنية فقط، بل كان له حضور لافت أيضًا في لجان التحكيم والمؤتمرات والندوات المصاحبة، حيث ظهرت أسماء نسائية بارزة من مختلف الجنسيات، ما أضفى على المهرجان طابعًا عالميًا متنوعًا، يؤكد أن السينما لم تعد حكرًا على ثقافة بعينها، بل أصبحت ساحة مفتوحة للجميع، تعبر عن قضايا وهموم شعوب متعددة. وقد بدا أن تلك الأصوات النسائية لم تأتِ فقط لتضيف بعدًا شكليًا، بل جاءت لتُحدث فارقًا حقيقيًا في نوعية النقاشات واختيارات الأفلام وأسلوب تناول الموضوعات.

ومن الظواهر اللافتة أيضًا التي ميّزت دورة هذا العام، التنوع الثقافي والحضور القوي للسينما المستقلة التي بدأت تجد لها مساحة معتبرة في المهرجان. كما أن الأزياء التي ارتدتها النجمات على السجادة الحمراء كانت بدورها مرآة لما تشهده الموضة من تحولات، حيث غلبت الإطلالات الجريئة والمعبّرة عن شخصيات صاحباتها، بعيدًا عن القوالب التقليدية. فقد اختارت الكثيرات أزياءً تنبض بالحرية والتمرد والتفرد، ما أضفى طابعًا دراميًا بصريًا على المهرجان بأكمله.

ويبدو أن مهرجان كان 2025 جاء ليحمل رسالة تتجاوز الفن، مفادها أن السينما أصبحت اليوم أكثر وعيًا وانفتاحًا على قضايا الإنسان بمختلف تجلياته، وأن المرأة لم تعد تنتظر فرصة لتثبت وجودها، بل أصبحت تصنع هذه الفرص وتوجه مساراتها بثقة واقتدار. وبين المشاهد المبهرة والأفلام المدهشة، كانت الدورة الجديدة من المهرجان بمثابة احتفاء بالفن والإنسان، برؤية حديثة وأصوات متعددة، يأتي في مقدمتها الصوت النسائي الذي أثبت أنه قادر على قيادة المشهد السينمائي بخطى واثقة.