من أحلام إلى ميادة الحناوي.. مهرجان جرش يكشف أسرارًا خفية عن النجوم ويعيد إحياء قصص من الماضي

تحوّلت حفلات مهرجان جرش للثقافة والفنون هذا العام إلى ما يشبه منصة اعترافات فنية وإنسانية، إذ لم تقتصر العروض على الأداء الغنائي المتميز أو اللقاء الجماهيري المعتاد، بل حملت بين طياتها لحظات مؤثرة وكلمات غير متوقعة من كبار النجوم، كشفوا من خلالها عن مشاعرهم الحقيقية، وذكرياتهم القديمة، وأسرار ظلت حبيسة الصمت لسنوات طويلة.

الفنانة الإماراتية أحلام، واحدة من أبرز نجمات هذا العام، لم تكتفِ بإبهار الحضور بصوتها وأدائها، بل فجّرت مفاجآت من العيار الثقيل عندما تحدثت بصراحة نادرة عن مسيرتها الفنية، وتحدياتها الشخصية، وعلاقتها بالجمهور العربي، خصوصًا في الأردن. كلماتها عكست عمقًا إنسانيًا كبيرًا، وجعلت جمهور المهرجان يشعر وكأنه يستمع لامرأة تعبر عن صراعاتها الداخلية بصدق لا يُرى كثيرًا على خشبة المسرح.

أما النجمة السورية ميادة الحناوي، فقد حملت حفلتها طابعًا مختلفًا تمامًا، أقرب إلى العودة الدافئة التي تلامس الحنين أكثر مما تلهب الحناجر. على المسرح، بدت ميادة كمن تسترجع شريط حياتها الفني لحظة بلحظة، وفي كل نغمة كانت تهمس برواية حب أو وجع أو انتصار. ما قالته عن سنوات الغياب، عن العلاقات التي تغيرت، وعن المواقف التي حفرت أثرًا في قلبها، أضاء جوانب خفية من شخصيتها، وقدّم لجمهورها صورة أعمق من مجرد صوت خالد.

المهرجان هذا العام بدا وكأنه قرر أن يكون أكثر من احتفال غنائي؛ بدا وكأنه مساحة للبوح والتعبير عن الذات. الفنانون لم يصعدوا إلى المسرح كنجوم يتلون قائمة من الأغاني، بل كأرواح تمشي على الجمر وتحمل في صوتها حكايات السنين. كل نغمة كانت رسالة، وكل كلمة بين الأغنيات كانت صفحة تُفتح من كتاب قديم، فيه أسرار لم تُروَ من قبل، أو على الأقل لم تُروَ بهذه الطريقة.

وبينما جلس الآلاف من الحضور مشدوهين أمام خشبة المسرح، كان كل فنان ينسج رابطًا خاصًا مع جمهوره، رابطًا تتداخل فيه الذكريات مع الأحلام، والحقائق مع الخيال. مهرجان جرش هذا العام أثبت أن الفن ليس مجرد عرض على المسرح، بل هو حياة كاملة تُروى بصوت الفنان ونظراته وكلماته التي تنبع من القلب.

هكذا، من صوت أحلام القوي والثابت، إلى نغمة ميادة الحناوي العذبة والحزينة، أعاد المهرجان تعريف العلاقة بين الفنان وجمهوره، وفتح الباب أمام لحظات صادقة قد لا تتكرر كثيرًا، لكنها تظل محفورة في الذاكرة كأغنية لا تُنسى.