افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل معرضه الثاني تحت عنوان “مَكْنَنَة”، بمشاركة أكثر من أربعين فناناً من مختلف أنحاء العالم العربي، ليشكل حدثاً فنياً بارزاً يعكس روح الابتكار والتجدد في المشهد الثقافي السعودي والعربي. يأتي هذا المعرض في إطار رؤية المركز لتعزيز مكانة الدرعية كوجهة عالمية للفنون المعاصرة، وكمساحة تحتضن المواهب الإبداعية وتتيح لهم التعبير عن رؤاهم الفنية من خلال وسائط وتقنيات حديثة تتفاعل مع قضايا العصر وتطلعات المجتمعات العربية.
يتميز معرض “مَكْنَنَة” بتنوع الأعمال المعروضة التي تجمع بين الفنون البصرية والتقنيات الرقمية، حيث استلهم الفنانون المشاركون أفكارهم من التحولات السريعة التي يشهدها العالم بفعل التطور التكنولوجي، وانعكاس ذلك على الإنسان والمجتمع. تتنوع الأعمال بين اللوحات الرقمية، والمنحوتات التفاعلية، والتركيبات الفنية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي والوسائط المتعددة، ما يمنح الزائر تجربة حسية وفكرية غنية، تدفعه للتأمل في العلاقة بين الإنسان والآلة، وبين الأصالة والتجديد.
وقد حرص المركز على أن يكون المعرض منصة للحوار بين الأجيال الفنية المختلفة، حيث يلتقي الفنانون المخضرمون مع المواهب الشابة في فضاء واحد، يتبادلون فيه الخبرات ويناقشون أساليب التعبير الجديدة التي أتاحتها التكنولوجيا. ويهدف المعرض إلى تحفيز الزوار على التفكير في دور الفن في تشكيل المستقبل، وكيف يمكن للفنانين أن يكونوا جزءاً من التغيير الاجتماعي والثقافي من خلال أعمالهم التي تعكس قضايا الهوية، والتحول الرقمي، والتواصل الإنساني في زمن الآلات.
كما يقدم المعرض سلسلة من الفعاليات المصاحبة، تشمل ورش عمل وجلسات نقاشية ولقاءات مع الفنانين، تتيح للجمهور فرصة التفاعل المباشر مع الأعمال الفنية وفهم الأفكار الكامنة وراءها. ويعكس هذا التوجه حرص مركز الدرعية على أن يكون الفن جزءاً من الحياة اليومية، وأن يساهم في بناء مجتمع واعٍ بقيمة الإبداع وأثره في التنمية الثقافية.
ويأتي تنظيم معرض “مَكْنَنَة” في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية نهضة ثقافية غير مسبوقة، مع إطلاق العديد من المبادرات والمشاريع التي تهدف إلى دعم الفنون وتمكين الفنانين المحليين والعرب من الوصول إلى جمهور أوسع. ويعزز هذا المعرض مكانة الدرعية كمركز حضاري وثقافي عالمي، يجمع بين عبق التاريخ وروح المستقبل، ويمنح الزوار تجربة فريدة تجمع بين الجمال الفني والتقنيات الحديثة.
في النهاية، يمثل معرض “مَكْنَنَة” في مركز الدرعية لفنون المستقبل محطة مهمة في مسيرة الفن العربي المعاصر، حيث يفتح آفاقاً جديدة أمام الفنانين والجمهور لاستكشاف إمكانيات التعبير الفني في عصر التكنولوجيا، ويؤكد أن الإبداع لا حدود له عندما يلتقي الشغف بالمعرفة، ويصبح الفن جسراً بين الماضي والمستقبل، وبين الإنسان والعالم الرقمي.