مع اقتراب انطلاق فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي، تتجه أنظار عشاق السينما حول العالم إلى مدينة كان الفرنسية التي تستعد لاستقبال كوكبة من النجوم وصناع الأفلام من مختلف الجنسيات. ويعد مهرجان كان واحدًا من أعرق وأهم المهرجانات السينمائية في العالم، حيث يحمل في ذاكرته العديد من اللحظات والمواقف التي صنعت تاريخه وأضفت عليه طابعًا فريدًا يجمع بين الفن، السجادة الحمراء، المفاجآت، والدراما الإنسانية.
منذ انطلاقه في أربعينيات القرن الماضي، شكّل مهرجان كان منصة لعرض أبرز وأهم الإنتاجات السينمائية، وشهد على مدار عقوده العديد من الأحداث التي بقيت محفورة في ذاكرة السينما العالمية. فقد كان المهرجان دائمًا مسرحًا للنجومية والتألق، حيث شهد مرور كبار نجوم الشاشة الفضية مثل صوفيا لورين، مارلين مونرو، وألفريد هيتشكوك، إضافة إلى نجوم العصر الحديث الذين يحرصون على الحضور كل عام ليكونوا جزءًا من هذا الحدث الاستثنائي.
ومن بين أبرز المواقف التي لا تُنسى في تاريخ المهرجان، تلك اللحظات التي شهدت تفاعلات إنسانية مؤثرة، مثل التصفيق الحار الذي استمر لأكثر من عشر دقائق لفيلم نال إعجاب الجمهور والنقاد معًا، أو لحظات البكاء والفرح التي رافقت تسليم جائزة السعفة الذهبية، حيث تتحول قاعة المهرجان إلى مسرح للمشاعر المتدفقة. كما شهد المهرجان مواقف مفاجئة، مثل اقتحام بعض النشطاء للسجادة الحمراء للتعبير عن قضايا إنسانية أو سياسية، أو انسحاب بعض المخرجين والنجوم احتجاجًا على قرارات لجنة التحكيم أو تضامنًا مع قضايا معينة.
ولم تخلُ دورات المهرجان من لحظات طريفة أو محرجة أحيانًا، سواء بسبب تعثر أحد النجوم على السجادة الحمراء أو بسبب هطول الأمطار المفاجئ الذي أفسد إطلالات النجوم، أو حتى بسبب تصريحات مثيرة للجدل أطلقها بعض صناع الأفلام خلال المؤتمرات الصحفية. كما كان المهرجان في كثير من الأحيان منصة لإطلاق موجات جديدة من الموضة، حيث تتنافس النجمات على ارتداء أرقى التصاميم، وتتحول السجادة الحمراء إلى عرض أزياء عالمي يجذب اهتمام وسائل الإعلام والجمهور.
أما على الصعيد الفني، فقد شهد كان لحظات فارقة في تاريخ السينما، مثل تتويج أفلام أصبحت لاحقًا علامات بارزة في الفن السابع، أو اكتشاف مواهب شابة انطلقت من على منصته نحو العالمية. كما كان المهرجان دائمًا ساحة للنقاشات الساخنة حول قضايا السينما، الرقابة، حرية التعبير، ومستقبل الفن، حيث يجتمع النقاد والمخرجون وصناع السينما لتبادل الأفكار والرؤى.
ومع كل دورة جديدة، يظل مهرجان كان السينمائي حدثًا ينتظره العالم بشغف، ليس فقط لمشاهدة أحدث الأفلام، بل أيضًا لمتابعة ما قد يحمله من مواقف جديدة ومفاجآت تضيف إلى تاريخه العريق. وبينما نستعد لانطلاق دورة جديدة خلال أيام قليلة، يبقى المهرجان رمزًا للاحتفاء بالفن والإنسانية، ومنصة لصناعة الذكريات التي ستظل خالدة في سجل السينما العالمية.